السلطان قابوس
السطان قابوس بن سعيد_طيب الله ثراه
هو قابوس بن سعيد الذي تولى زمام الحكم في 23 يوليو من عام 1970م، ولد في الثامن عشر من نوفمبر من عام 1940م، وتلقى تعليمه الأساسي في السلطنة ثم انتقل إلى بريطانيا لإكمال تعليمه، والتحق بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية وأخذ منها العلوم العسكرية، وأحدث تغييرات جذرية في البلاد بعد توليه الحكم، إذ أقام دعائمها ومضى بمسيرتها التنموية قدمًا بما ينافس غيرها من الدول المتقدمة وتولى إدارة شؤونها بحنكة وحكمة بالغة.
وهو الابن الوحيد، للسلطان سعيد بن تيمور بن فيصل آل سعيد، تلقى دروس المرحلة الابتدائية والثانوية في صلالة، حيث أشرف على تعليمه أ. حفيظ بن سالم الغساني (لاحقًا أصبح مستشاره الصحفي) مدير المدرسة السعيدية التي تركها في سبتمبر من عام 1958، بعد أن قرّر والده إرساله إلى المملكة المتحدة حيث واصل تعليمه في إحدى المدارس الخاصة سافوك، ثم التحق في عام 1379هـ الموافق 1960م بأكاديمية ساندهيرست العسكرية الملكية، حيث أمضى فيها عامين وهي المدة المقررة للتدريب درس خلالها العلوم العسكرية وتخرج فيها برتبة ملازم ثان، ثم انضم إلى إحدى الكتائب العاملة في ألمانيا الاتحادية آنذاك لمدة ستة أشهر مارس خلالها العمل العسكري.
بعدها عاد إلى المملكة المتحدة حيث تلقى تدريباً في أسلوب الإدارة في الحكومة المحلية هناك وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة وتنظيم الدولة، ثم هيأ له والده الفرصة التي شكلت جزءاً من اتجاهه بعد ذلك فقام بجولة حول العالم استغرقت ثلاثة أشهر زار خلالها العديد من دول العالم، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383هـ الموافق 1964م حيث أقام في مدينة صلالة.على امتداد السنوات الست التالية التي تلت عودته، تعمق السلطان قابوس في دراسة الدين الإسلامي وكل ما يتصل بتاريخ وحضارة سلطنة عُمان دولة وشعباً على مر العصور وقد أشار في أحد أحاديثه إلى أن إصرار والده على دراسة الدين الإسلامي وتاريخ وثقافة عُمانكان له الأثر العظيم في توسيع مداركه ووعيه بمسؤولياته تجاه شعبه العُماني والإنسانية عموماً. كما أنه استفاد كثيراً من التعليم الغربي الذي تلقاه وخضع لحياة الجندية ولنظام العسكرية في المملكة المتحدة، ثم كانت لديه الفرصة في السنوات التي تلت عودته إلى صلالةلقراءة الكثير من الأفكار السياسية والفلسفية للعديد من المفكرين الذين شكلوا فكر العالم.
جلالته قائد حكيم
إن النجاح والإنجازات التي حققتها النهضة العمانية ,يعود الفضل فيها الى حضرة صاحب الجلالة السلطان قابوس بن سعيد المعظم - حفظه الله ورعاه - ، حيث انتظرت عمان شعبا وارضا حاضرا ومستقبلا , انتظرت طويلا حتى بزغت شمس النهضة المباركة ، بقوة وإرادة وبرؤية ثاقبة وفكر مستنير نحو غاياتها وأهدافها.
وعندما أعلن جلالة السلطان المعظم انطلاق المسيرة المظفرة في الثالث والعشرين من يوليو 1970 حيث اشرق على عمان وشعبها عهد جديد عادت الحياة فيه وعاد الامل واستعاد المواطن العماني ثقته في ذاته وفي حاضره ومستقبله , وعلى مدى سنوات من العمل والجهد والعطاء في كل المجالات ارتفعت على هذه الارض الطيبة صروح دولة عصرية راسخة تستمد قدرتها وقوتها على الانطلاق ليس من عناصر قوة تقليدية ولكن من علاقة فريدة وشديدة الخصوصية بين جلالة السلطان المعظم وأبنائه على امتداد هذه الارض الطيبة, حيث وضع جلالة السلطان المعظم رؤية واضحة دقيقة وذلك بتحقيق التقدم والإزدهار في كافة الجوانب لتحيقيق الطموحات بسواعد الانسان العماني الذي تحمل ويتحمل مسؤوليات العمل والتنمية الوطنية في كل المجالات بكفاءة ومسؤولية عالية ذلك لأنه هو هدف التنمية وغايتها كما انه هو اداتها وصانعها.
فقد أسس جلالة السلطان المعظم نهضة شاملة في ربوع السلطنة: وطنية، وإقتصادية، وإجتماعية، وثقافية، ورفع اسم عمان عاليا على المستوى الإقليمي والعالمي وأستعادت عمان دورها ونشاطها كأحد الأطراف المؤثرة في مجريات الأوضاع في الخليج والمنطقة من حولها ، وأعاد لعمان أمجادها التاريخية وعظمتها الحضارية.
ومن الأهمية بمكان التأكيد على أن نجاح النهضة قد تحقق لأن خلفه قائد حكيم، ذو نهج قيادي متميز على المستوى المحلي مع شعبه الوفي، وعلى المستوى الخارجي مع القادة العالميين ودولهم ومنظماتهم وقضاياهم.
إنجازاته
بدأت سلطنة عمان منذ بداية عهده بالتصدير التجاري للنفط والذي اكتشف بكميات تجارية عام 1968 وشهدت البلاد انتعاشاً اقتصادياً مع بداية حكمه، قسم برنامجه السياسي إلى مشاريع تنمية وطنية لكل خمس سنوات أسماها بالخطط الخمسية، عام 1975 قضى على الثورة الاشتراكية في محافظة ظفار التي استمرت عشر سنين، السلطان قابوس هو ناقل البلاد من الحكم القبلي التقليدي إلى الحكم النظامي الديمقراطي، وأنشأ المجلس الاستشاري للدولة وبعد عدة أعوام استبدله بمجلس الشورى يمثل أعضاؤه جميع الأقاليم، وهو مجلس استشاري تشرف عليه هيئة أعلى تنفيذية تُعرف بمجلس عمان.
الخارجية
تتلخّص أهم إنجازات السلطان قابوس في أنه أسس حكومة على النظام الديمقراطي، فبدأ بتكوين سُلطة تنفيذية مؤلفة من جهاز إداري يشمل مجلس الوزراء والوزارات المختلفة، إضافة إلى الدوائر الإدارية والفنية والمجالس المتخصصة ومن أولى الوزارات التي أسَّسها السلطان قابوس بعد توليه مقاليد الحكم مباشرة وزارة الخارجية. فقد أسسها بعد فترة قصيرة من توليه الحكم عام 1970م محققاً بذلك روابط وصلات بالعالم الخارجي مبنية على أسس مدروسة وبعد عام واحد من توليه عام 1970م انضمت عُمان إلى جامعة الدول العربية وقد أوضح السلطان قابوس الخطوط الرئيسية لسياسته الخارجية وذكر أنها مبنية على حسن الجوار مع جيرانه وأشقائه وعدم التدخل في شؤونهم الداخلية وتدعيم علاقات عُمان معهم جميعاً وإقامة علاقات ودية مع سائر دول العالم والوقوف مع القضايا العربية والإسلامية ومناصرتها في كل المجالات وأوضح بأنه يؤمن بالحياد الإيجابي ويناصره وقام بإرسال بعثات دبلوماسية تمثل عُمان في أغلب أقطار العالم، كما فتح أبواب عُمان أمام البعثات الأجنبية وأنشئت فيها القنصليات والسفارات والهيئات الدولية والإقليمية، حققت سياسة السلطان قابوس الإستقرار والأمن وهما الدعامتان الأساسيتان لبناء السلطنة ولتحقيق تنميتها الاقتصادية والاجتماعية.
الداخلية
بعد أن أمن السلطان قابوس سياسته الخارجية وأقام علاقات ودية مع كل أقطار العالم اتجه إلى الجبهة الداخلية وعمل على رفعتها وقد شهدت عُمان خلال عهده نهضة سريعة في سائر المجالات، ففي مجال التعليم أنشأ المدارس في كل أرجاء البلاد وجعلها للجنسين، البنين والبنات. وفي المجال الصحي، أمر بإنشاء أعداد كبيرة من المستشفيات والعيادات والمراكز الطبية في كل أرجاء عُمان وأمدها بكل احتياجاتها من أطباء ومعدات وأدوات وأدوية وأمن بذلك صحة العُمانيين في المدن والقرى والأرياف على حد سواء، أما في المجال الصناعي فقد وسع إنتاج البترول وطوره فانتشرت مصانع تكرير النفط في البلاد، إضافة إلى مصانع الإسمنت ومصانع تعليب الأسماك والتمور وغير ذلك من المنتجات. وشجع السلطان قابوس المزارعين وعمل على تطوير طرق الزراعة ونقلها من الطرق التقليدية القديمة إلى الطرق الحديثة التي تعتمد على الآلات والمعدات الحديثة، لا على المجهود الإنساني فقط وقد قدَّم المساعدات السخية للمزارعين ليتمكنوا من استغلال الأرض واستثمارها ليتحقق لعُمان الاستقلال الغذائي، فأصبحت البلاد تنتج كل ما تحتاجه من غذاء، من قمح وخضراوات وفواكه وغيرها ويصدر ما يفيض عن حاجتها طازجاً أو بعد تعليبه إلى البلدان المجاورة وازدهرت التجارة في عهد السلطان قابوس في المجالين الداخلي والخارجي وارتبط ازدهار التجارة بتطور المواصلات التي تنقل المنتجات الزراعية من مناطق الإنتاج إلى سائر أرجاء عُمان وإلى الخارج كما تقوم وسائل المواصلات بنقل المنتجات الصناعية من وإلى الدول المجاورة وبقية الأقطار الآسيوية والإفريقية والغربية خاصة إنجلترا وفرنسا وأمريكا.
وارتبطت عُمان بشبكة من المواصلات البرية والبحرية، كما تم إنشاء موانئ بحرية وجوية للاتصالات الداخلية والخارجية وتم افتتاح ميناءين كبيرين هما ميناء السلطان قابوس في مطرح وميناء ريسوت في المنطقة الجنوبية وفي عام 1981م انضمت عُمان إلى مجلس التعاون لدول الخليج العربية وحقق السلطان قابوس بذلك تعاون بلاده مع بقية دول الخليج العربي في المجال الدفاعي المشترك.
.
السياسات الخارجية تعزيز لجهود السلام والاستقرار
على الصعيد الخارجي فقد رسم جلالة السلطان سياسة عمان الخارجية وفق أسس ومبادئ راسخة تقوم على التعايش السلمي بين جميع الشعوب وحسن الجوار وعدم التدخل في الشئون الداخلية للغير والإحترام المتبادل لحقوق السيادة الوطنية و مد الجسور مع الأخرين وفتح افاق التعاون والعلاقات الطيبة مع مختلف الدول الشقيقة والصديقة على امتداد العالم وفق اسس واضحة ومحددة ومعروفة للجميع منذ أن إنطلقت مسيرة النهضة المباركة عام 1970م.
ومما له دلالة عميقة ان جلالة السلطان المعظم اكد في خطابه في الانعقاد السنوي لمجلس عمان في 6/11/2009م " إن سياستنا الخارجية معروفة للجميع، وهي مبنية على ثوابت لا تتغير، قوامها العمل على استتباب الأمن والسلام والسعادة للبشرية كافة".
وأملت مواقف جلالته في الساحة الدولية أخلاقية الموقف الثابت والمتوازن ومبادئ الوضوح والندية في التعامل في مختلف القضايا الأقليمية والدولية والمعاصرة.
وقد اكتسبت الدبلوماسية العمانية ابرز سمات الشخصية العمانية المعروفة بالهدوء والصراحة والوضوح في التعامل مع الاخرين فقد امتلكت من الشجاعة والثقة في النفس ما مكنها دوما من طرح موقفها والتعبير عنها بعيدا عن الازدواجية و الحرص على بذل كل ما هو ممكن لدعم اية تحركات خيرة تسهم في تحقيق الامن والاستقرار والطمأنينة والحد من التوتر خليجيا وعربيا ودوليا .
ومما يزيد من قدرة السلطنة في هذا المجال انها ليست لها خلافات او مشكلات مبدئية مع دول او شعوب اخرى وانها تتعامل مع مختلف القوى والاطراف الإقليمية والدولية طالما يبادلونها نفس المواقف والمبادئ التي تنطلق منها وتقوم عليها سياساتها وفي اطار القانون والشرعية الدولية.
الوفاة
توفي قابوس يوم الجمعة 14 جمادى الأولى 1441هـ الموافق 10 يناير 2020م، بعد معاناة مع مرض السرطان.
لم يكن للسلطان قابوس وريث من نسله يخلفه في الحكم، ولذلك فالمادة السادسة من الدستور تنص على أن مجلس العائلة الحاكمة يختار وريثاً للعرش بعد أن يصبح العرش شاغراً، وكان للسلطان قابوس عدد من أبناء الأعمام في الأسرة المالكة يشغلون قيادات حكومية عليا بالبلاد يمكن لأي واحد منهم أن يلي العرش من بعده ويكون ذلك بانتخابه من مجلس الأسرة الحاكمة، كما نصت على ذلك بنود الكتاب الأبيض المختص بشؤون الحكم والمُلك والإدارة للبلاد.
بعد وفاة السلطان قابوس يوم الجمعة 10 يناير 2020، دعى مجلس الدفاع مجلس العائلة المالكة للانعقاد لتحديد من تنتقل إليه ولاية الحكم، وقد تسلّم مجلس الدفاع في نفس اليوم السبت 11 يناير 2020م ردًا من مجلس العائلة المالكة تمثل في أن المجلس المذكور قد انعقد وقرر تثبيت من أوصى به السلطان الراحل قابوس بن سعيد في وصيته، وعليه أوكل مجلس العائلة المالكة لمجلس الدفاع القيام بفتح الوصية وفقًا لما نصت عليه المادة السادسة من النظام الأساسي للدولة، واتخاذ الإجراءات لتثبيت من أوصى به السلطان بالتنسيق مع مجلس العائلة المالكة، وقد عقدت جلسة فتح الوصية في يوم السبت المؤرخ في 15 جمادى الأولى 1441هـ الموافق 11 يناير 2020م، بحضور أعضاء مجلس الدفاع ووزیر المكتب السلطاني، كما حضر الجلسة كلٌّ من رئيس مجلس الدولة ورئيس مجلس الشورى ورئيس المحكمة العليا ونائبيه وأفراد العائلة المالكة، وقد قام مجلس الدفاع بفتح الوصية وقراءتها بشكل مباشر على جميع الحاضرين والإعلان بأن هيثم بن طارق بن تيمور هو سلطان عمان. وقد تولى سلطاته في نفس اليوم
تعليقات
إرسال تعليق